fbpx

إذا كان لديك أولاد يمارسون لعبه Fortnite  او GTA  او قريبا جدا black Ops 4 فأنت مطالب بقراءه هذا التقرير.

اذا كان لديك أولاد تتراوح اعمارهم بين السابعه و الثامنه عشر إذا هذا التحليل موجه لك.

اذا كنت تلاحظ تغير في سلوكيات الأطفال والمراهقين من حولك وتري أن العنف أصبح هو السائد أدعوك للقراءه حتي النهايه إذ أنك ستجد الكثير من الإجابات التي تبحث عنها.

سأحاول في تقريري هذا أن اوضح بعض الأمور العلميه التي قد يجهلها بعضنا .وألقي الضوء علي بعض المعتقدات التي قد تكون ملتبسه عند بعض الأمهات والأباء.  إذ أن الإعلام بكل صوره وأشكاله يعمل دوما – عن قصد أو عن جهل – علي تصدير المعلومات المغلوطه التي تجعلنا في احيان كثيره في حاله شك في مبادئنا وثوابتنا. بل ايضا قد نجد في بعض الأحيان مواقع علي الانترنت تتحدث عن فوائد الألعاب الإلكترونيه وتأثيرها ألإيجابي علي عقل وتركيز وصحه الأطفال!!! ولكن في النهايه انا وزملائي من المتخصصين  لنا الواقع الذي نشاهده من تغيرات سلوكيه ونفسيه وصحيه عند الأطفال ونربطه بنتائج الأبحاث الموثوقه المصدر التي تتم بطرق علميه صحيحه وليس للقائمين بها أي مصالح شخصيه.

في مقالي هذا سأناقش قضيه العاب الفيديو التي تحتوي علي عنف وسأركز الضوء علي Fortnite  . سوف اشرح فكره اللعبه ولماذا يتعلق بها الأولاد بهذا الشكل الذي يؤدي في الأغلب الي الشغف الشديد و الإدمان في بعض الحالات التي يغفل فيها الأهل عن أولادهم.  وسأعرض في النهايه بعض الأفكار التي قد تساعدكم في التخلص منها تماما من بيوتكم.

سأبدأ اولا بفكره اللعبه:

لعبه Fortnite   قائمه علي فكره “البقاء للأقوي” اي ان المتاسبق الذي يستطيع الصمود والقتال بشكل أفضل هو الفائز. وفي أثناء اللعب يخوض المتسابق عده تحديات معظمها قتاليه وكلما تفوق فيها اللاعب يتم مكافأته علي ذلك . الأولاد يلعبون online  اي انهم يتفاعلون مع اصحابهم او مع غرباء مما يجعل اللعبه اكثر إثاره وتشويق . في معظم الأوقات يحتاج اللاعب الي شراء ملابس وادوات في داخل اللعبه كي يضاهي اصدقاءه .

ثانيا: ما الذي يجعل الأولاد مشدودين بهذا الشكل المرضي لهذه اللعبه وغيرها

ان منتجي ومصممي هذه الألعاب سواء العنف او غيرها يستعينون أثناء التصنيع والبرمجه بخبراء و وأطباء علم نفس وعلماء متخصصون في علم الأعصاب (neuroscientists) وعلم تشريح المخ(Brain Science).

أي أن برمجه اللعبه يتم بشكل علمي بحت فهي تعمل علي إثاره مراكز التحفيز عند الإنسان  بإحترافيه. ببساطه كده اللاعب في المراحل الأولي يجد نفسه يخسر امام الأخرين مما يستفزه للإستمرار وشراء إمدادات أو أدوات وعمل تحالفات مع الأخرين ثم يبدأ في الفوز فيظن أنه قد اتقن اللعبه وأصبح محترف فيفتح له مستوي أعلي في اللعبه ويفوز بعملات وناياشين (طبعا ده متعمد) لو استمر الحال هكذا سيشعر بالملل ويتعود علي الإنتصار… فجأه يخسر مجددا فيٌستفز ويقرر ان يستمر! وهكذا دائره لا تنتهي من الهزيمه والفوز الغير حقيقي مما يشعرهم انه انجاز!!  وهذا يسمي “ادمان اللعب” او “addictive gaming” والذي يخصص له صناع اللعبه جزء كبير من وقتهم ويدفع لهم اصحاب الشركه المنتجه اموال طائله من أجله.

يحرص صناع هذه اللعبه علي التجديد المستمر إذ أن كل اسبوع يتم إصدار أفكار وإضافات جديده ينتظرها اللاعبون.  كما ظهر مؤخرا بعض الأشخاص ممن يطلقون علي أنفسهم “محترفون Fortnite” يصنعون فيديوهات علي YouTube لتعليم الأطفال كيفيه اتقان اللعبه!!!. وطبعا إداره  ال YouTube  تكافأهم بمبالغ كبيره مقابل عدد المشاهدين الرهيب من الأطفال والمراهقين الذي قد يصل في بعض أوقات الليل الي الملايين من جميع أنحاء العالم.

ثالثا: بعض المفاهيم المغلوطه عندنا كأهل:

  • إنها مجرد ألعاب…. لا يوجد بها دماء حقيقيه ….. الحقيقه أن أي مشاهد عنف سواء في كارتون او أفلام أو ألعاب تولد العنف عند الأطفال. حسب الأكاديميه الأمريكيه لطب الأطفال AAP : “إن العاب الفيديو التي تعتمد علي القتل المباشر لا يجوز ان يلعبها الأطفال والمراهقون ولا يجوز استعمال اشخاص في اللعبه كأهداف للقتل لأن هذا يعلم الطفل (حتي سن 18) أن يخلط السعاده و النجاح بالقدره علي التسبب في معاناه و إيذاء  الأخرين”.
  • “إن هذه الألعاب يلعبها كل اصدقاءه وسيكون منبوذا إن لم يلعبها” …..الواقع أن التفاعل علي الانترنت ليس تفاعل حقيقي ومن يلعب معهم أبناؤنا ليسوا بالضروره أصدقاء . فليس هناك تفاعل شخصي ولا لغه حوار ولا مساحه لبناء مهارات التعامل أو مهارات حل المشكلات .هذه النوعيه من المهارات و الخبرات يكتسبها الطفل أو المراهق من خلال اللعب التفاعلي المباشر سواء في المدرسه او في النادي. في حالات كثيره نجد الطفل المنطوي يستخدم الألعاب الإلكترونيه كوسيله هروب من التفاعل المباشر مع المجتمع والأشخاص الحقيقيين.
  • “إن هذه الألعاب تنمي المهارات الإبداعيه والتخطيطيه” ….. إن صناع اللعبه قاموا بكل التخطيط والإبداع مسبقأ بدلا من أولادنا ! إن الطفل يعتبر مجرد منفذ لما هو مطلوب منه مع الشعور الكاذب بأنه يتخذ قرار. الإبداع والتخطيط يتعلمهم الطفل أو المراهق من خلال ممارسه التفاعلات اليوميه الحقيقيه مع العالم الخارجي وهو ما نسميه 3D life مثل ممارسه ألعاب التركيب والرسم وتعلم العزف علي اله موسيقيه والقراءه والكتابه و ممارسه الرياضه بكل أنواعها وألعاب الذكاء مثل الشطرنج وغيرها او حتي الألعاب الورقيه مثل الUNO  او ال Monopoly deal

رابعأ : لماذا لا أنصح بالتقليل والتقنين وأفضل منع هذه الألعاب تماما؟

  • الخطأ خطأ ولو فعله كل الناس….

حسب كتاب “Stop Teaching Our Kids to Kill” لجلوريا ديجاتانو و دايف جروسمان

(الذي يحتوي علي كل الدراسات والأبحاث والإحصائيات التي قد نبحث عنها لإثبات خطوره هذه الألعاب ) . حسب الكتاب فإن مشاهده العنف علي الشاشات بكل أنواعها بإستمرار وخاصه ممارسته مباشره عن طريق ألعاب الفيديو قد يسبب :

  • “زياده العنف عند الأطفال” . فنجد الطفل اثناء اللعب والتعامل مع الأخرين في الحياه اليوميه قد يضرب زميله أو حتي صديقه المفضل أو يهدده بشكل غريب وبلا سبب واضح أو لأتفه الأسباب معللاَ ذلك بأنه يمرح معه!
  • “زياده الخوف عند بعض الأطفال” . إذ أن كثره اللعب او المشاهده يجعله يندمج مع الشخصيات التي يراها علي الشاشه.
  • “تبلد الاحاسيس تجاه الأحداث اليوميه و المواقف الحقيقيه التي تثير الشفقه في الواقع” وذلك لإعتياده عليها في اثناء اللعب. فإذا وقع زميله مثلا او أٌصيب أحد أمامه فإنه قد يضحك ولا يبالي!

اذا بموافقتي علي ان يلعب ابني هذه الألعاب اعتبر نفسي اعطيته موافقه ومباركه مني علي قبول جميع ما سبق في تعاملاته معي ومع أخواته وأصدقائه

  • العلم اثبت عدم إكتمال قدره المراهق علي التحكم والتمييز.

بناء” علي دراسه مراحل نمو عقل المراهق المذكوره بالتفصيل بكتاب“Age of opportunity” للكاتب  لورانس شتاينبرج فإن هناك 3 مواقع في مخ المراهق تظل في حاله نمو مستمر حتي سن ال 22 او 23 (أي حتي يصبح ناضجا تماما) وهي :

  • الموقع بالمخ المسئول عن تقدير وتحديد نوعيه وقوه العلاقات الانسانيه (relationships)
  • الموقع المسئول عن التعامل مع التحفيز والمكافاءات الخارجيه(Reward System)
  • و المركز بالمخ المسئول عن التحكم و السيطره علي الأفعال وردود الأفعال (Self-Regulation)

لذلك هو يحتاج منا متابعه وارشاد بإستمرار فهو غير قادر بشكل تام التحكم في التغيرات النفسيه والعقليه التي تحدث له بعد الانتهاء من اللعب ! كذلك لا يجوز ان أعتبره قادر تماما علي ان يأخذ قراره في التوقف عن اللعب من تلقاء نفسه.

  • ألعاب الفيديو و التركيز أثناء الدراسه

وأنا اعتبر هذه من أخطر النقاط التي تؤثر علي الطفل وأبسط أعراضها تلك التي نراها يوميا في منازلنا ومدارسنا وهي ما نسميه بالتأخر الدراسي وضعف التركيز وقد نتجه الي مراكز وأطباء للمعالجه ونغفل السبب الرئيسي وهو الألعاب الإلكترونيه والجلوس بإستمرار أمام الشاشات بإختلاف أنواعها. إذا ما العلاقه بين اللعب والدراسه؟

  • ببساطه شديده هذه النوعيه من الألعاب تُشعر المراهق بالتفوق الكاذب والسعاده اللحظيه لأنه نجاح أتي بدون مجهود حقيقي أو مثابره حقيقيه لذلك يصبح صعب جدا أو مستحيل بعد الإنتهاء من اللعب أن تطلب منه أن يحل مسائل أو معادلات حسابيه تحتاج الي وقت و تركيز. فتجده ببساطه شديده يقول “مش عارف أحل حاجه”. كذلك يفقد الرغبه في المثابره لفتره طويله حتي يستحضر الأفكار الإبداعيه التي يحتاجها في عمل بحث او كتابه موضوع تعبير فنسمعه يقول “يعني أكتب إيه؟”.
  • كذلك … وحسب الأبحاث العلميه فإن التركيز في الشاشات سريعه الحركه لفتره طويله تتسبب في توقف الجزء الأمامي بالمخ المسئول عن التركيز والتحليل بشكل ايجابي ويتحول الي شكل سلبي (متلقي ومنفذ بدلا من تفاعلي تحليلي). فيظل هذا الجزء في حاله توقف طوال فتره اللعب ويحتاج الي جهد كبير لإعاده تشغيله بعد الإنتهاء.
  • إدمان اللعب يحدث بسبب إفراز المخ (endorphins and dopamine) أثناء اللعب كنتيجه للإثاره والضغط الذي يتعرض له اللاعب  فيعطي الجسم شعور بالراحه والسعاده . هذه الهرمونات تٌفرز بكميات طبيعيه مناسبه لحاجه الجسم أثناء ممارسه الحياه اليوميه والرياضه ولكن الألعاب الإلكترونيه السريعه المثيره تتسبب في  تحفيز  إفرازها بشكل زائد عن الحد مما يؤدي الي إدمان التحفيز (stimulus addiction) فيعتاد الجسم وجودها بل يرغب في المزيد منها.
  • راقب إبنك أثناء اللعب !

سوف تجد نظرات مختلفه وتركيز غريب حتي إنك لو تكلمت معه أو حاولت لفت نظره لن يرد عليك! وذلك لأن المخ في حاله فُرضت عليه من التركيز علي الشاشه السريعه التغير الموجوده أمامه.

إذا بعد أن عرفنا كل هذه المعلومات لا يجوز أن نعاتب أولادنا علي ألأعراض التي نراها ونحن نعرف أنها تحدث رغما عنهم بل نحن ساهمنا فيها بشكل أو بأخر!!

خامسا: ماذا أفعل؟ ما هي الحلول والبدائل؟

  في جميع الحالات التي أساعد فيها الأهالي ك parent coach في التعامل مع تحدي الألعاب الإلكترونيه وإدمان الشاشات نعمل سويا في إتجاهات عديده أهمها وأولها:

  • التركيز علي العلاقه الأسريه السليمه و التفاعل مع الأولاد. أدعوكم لترك هواتفكم المحموله جانبا وقضاء وقت مثمر كل مساء مع أولادكم. إسألوهم عن إهتمامتهم… إسمعوهم ….ناقشوهم….فبذلك نغلق أول باب أمام منتجي هذه الألعاب وهو “الهروب من نقد الأهل والمحاضرات اليوميه الي عالم اللعب الإفتراضي المريح”. فإذا شعر المراهق بالراحه والقبول بينكم سيقضي وقت أقل أمام الشاشات.
 
  • متابعه الأولاد ومراقبه الفتره الزمنيه التي يقضونها أمام الشاشات. إذ أنه في حالات كثيره يفاجئني الأهل حين أسأل “كم ساعه يقضيهأ إبنك أمام شاشات اللعب؟” فتكون الإجابه “لا أعرف!! فهو في غرفته ولا أعلم متي يبدأ ومتي ينتهي”
 
  • البدائل …. البدائل . إذ أن الطفل أو المراهق اذا كانت لديه إهتمامات أُخري في حياته فإن مرحله السيطره تكون أسهل كثيرا. و قبل ان تقولوا “ليس له إهتمامات أخري”, فلنعلم جيدا أن الله لم يخلق إنسان بلا مهارات وكفاءات تميزه عن غيره ولكنها فقط في حاجه الي إكتشافها وتوظيفها وتنميتها في المكان الصحيح الذي يحولها إلي إهتمامات. فلتبحثوا مع أولادكم و في ذاكرتكم ولنسأل أنفسنا ماذا كان ابنكم يُحب أن يلعب او يتعلم قبل ظهور اللعب الإلكترونيه في حياته. بالطبع إذا كان قد وصل لمرحله الشغف الشديد تجاه اللعبه فإنه سيقاوم لفتره أي أفكار لممارسه الحياه الطبيعيه وسيعترض علي المشاركه في نشاطات أٌخري. ولكن صحه أولادنا النفسيه والبدنيه والعصبيه تستحق منا التركيز والمثابره بشده حتي نصل الي ما نريد
 
  • الآن نأتي للخطوه الحاسمه وهي القواعد وتنفيذها بحزم وسيساعدكم كثيرا فتره المدارس علي خلق روتين ونظام واضح متفق عليه .في أفضل الحالات نأمل بالأتي: اذا كان طفلك عمره أقل من 15 سنه فأنا أنصح بإيقاف هذه اللعبه فورا واستبدالها بألعاب إلكترونيه أخري مثل كره القدم او أي العاب فيديو خاليه  تماما من العنف و القتل علي أن يكون لعبها في الويك إند فقط . لو كان عمره مابين 15 و18 فيجب الإتفاق مبدأيا علي لعبها ساعه واحده في نهايه الاسبوع فقط حتي يتم التخلص منها تماما واستبدالها بألعاب أخري.

بالطبع ستختلف سهوله تطبيق القوانين من منزل لأخر حسب درجه تعلق المراهق باللعبه والتي ستتحكم في مقدرتنا علي جذبه الي النشاطات الأخري. ولكن في جميع الأحوال كلما استطعنا تقليل واستقطاع الوقت  الذي يقضيه أمامها بقدر الإمكان كان ذلك أفضل ويعتبر إنجاز فإن “ما لايُدرك كله لا يٌترك كله.”

وفي النهايه كل ما نتمناه هو تربيه سليمه صحيه لأبنائنا في ظل المتغيرات السريعه التي يمر بها العالم الآن. نحن نريد تربيه جيل واعي مٌدرك لما يحيط به من مخاطر وفي نفس الوقت متفتق الذهن قادر علي التحليل وإختيار ما يناسبه في سوق العمل المنتظره غدأ. كل هذا لن يتحقق إلا إذا خرجنا بأولادنا من ظلام الحجرات خلف الشاشات إلي ضوء الحياه المليئه بالتجارب والمغامرات الحقيقيه .التي تنتظر جيل بأكمله

حفظ الله أولادنا جميعا.

Heba Fawzy

PCI Instructor

®PCI Certified Parent Coach

Personal Coach

 

References:

  • Stop teaching our Kids to Kill . Book by Lt. Col. Dave Grossman and Gloria DeGaetano, CEO-PCI.
  • The age of Opportunity Lessons from the new Science of Adolescence. Book by Laurence Steinberg, PhD
  • familiesmediamanaging.com
  • American Academy of Pediatrics.